Saturday, May 12, 2012

المهاجر الأفريقي في الغرب: أهو كالمستجير من الرمضاء بالنار؟

(1)

يبدو أن الشقاء هو حليف ابدي للشاب الأفريقي الفقير الذي يركب المخاطر و يقطع الفيافي و الأميال الطوال من اجل أن يظفر بفرصة العيش في تلك الديار الباردة البعيدة. يدفع ذلك الشاب المنكود "تحويشة عمره" كما جرت العبارة المصرية الشهيرة، ليصل إلي البلدان العربية المطلة علي البحر المقدس (البحر الأبيض المتوسط) حيث يقضي شهورا و هو يتحاشى أيادي و أعين السلطات وعسعسها الذين يعاملونه و كأنه وباء اسود ينبغي القضاء المبرم عليه، و يقضي أيامه متخفيا في المدينة يترقب إلي أن يجد "سمسارا" يدبر له طريقة ما لعبور ذلك البحر المقدس ، و ترسي به السفينة أو المركب علي شواطئ اسبانيا أو إيطاليا أو اليونان أو قبرص حيث تبدأ رحلة عذاب أخري من بين مطاردة الشرطة و قوات مكافحة الهجرة غير الشرعية، و قد يفشل في الوصول للبر و تطيح هوج الرياح بمركب جماعته من المهاجرين غير الشرعيين فيصبح هو من معه خبرا عابرا في أواخر نشرات الأخبار التي تنسي و لما لم يجف حبر من كتبها!
و من يفلح في الوصول إلي "بر الأمان" و يبتسم له الحظ (اخيرا جدا) تتلقفه الأيدي الرحيمة، فينتقل من حال إلي حال، و يدرج اسمه في سجل المهاجرين الشرعيين فيظفر بالغذاء و الكساء و العلاج و التعليم... كل ذلك بالمجان ( و الأخيرة كلمة لم يعهدها الرجل الأفريقي منذ أمد سحيق)، و يظن أنه بمفازة من ما تركه خلفه من الشقاء و المرض و النكد. و هذا في غالب الأحوال ما يبدو أنه الحال. غير أن هنالك جانبا للحقيقة لم يفت علي علمائهم (لله درهم) في أن بعض هؤلاء المهاجرين قد يتعرضون لأمراض مزمنة و اسقام متباينة قد لا تختلف في سؤها عن ما كان سيحيق بهم في مناطقهم الأصلية المتخلفة! فتأمل ذلك الحظ التعيس الذي يحيل الواحد منهم من حفرة إلي دحديرة (و الكلمة الأخيرة هذه حار في تفسيرها كاتب مجيد موصوم بأنه "وحشي اللغة"). بيد أن الأمر ليس بهذا اليسر و البساطة. فلقد وجدت في مرور عابر علي ما نشر من أبحاث حول الموضوع أن اوضاع المهاجرين الصحية في أوربا تختلف (ربما كثيرا) عن أوضاعهم في الولايات المتحدة، فهي في العالم الجديد أفضل كثيرا. بيد أني لست هنا في مقام من يستطيع تأكيد أو تفسير ذلك الاختلاف – إن صح- أو تحليله فأمر ذلك كله عند المختصين. و سأنقل هنا ملخص دراسات أجريت علي الأفارقة الذين هاجروا للأراضي الجديدة (ممثلة في الولايات المتحدة)، و في مقال قادم سأعرض للموضوع ذاته عند من ساقتهم الأقدار لأوروبا العجوز.
 و قبل الخوض في أمر الأمراض التي عمل علي رصدها علماء و أطباء البلدان الغربية التي يؤي إليها الآف من المهاجرين الأفارقة و تهفو إليها قلوبهم، انقل هنا إحصائيات وردت في دراسة علمية رصينة لهومر فينترز و فرانسيسكا قاني اللذان يعملان في كلية الطب بجامعة نيويورك و قد قاما بنشر دراستهما في مجلة اسمها "مجلة صحة الأقليات المهاجرة" في عددها الصادر في ابريل من عام الناس هذا (2009). يقول الباحثان أن اعداد المهاجرين الأفارقة للولايات المتحدة قد زاد في الفترة ما بين 1990 و 2000 بنحو 166%، حيث توطنت مجموعات كبيرة منهم في مناطق واشنطن و نيويورك و مينابولس و اتلانتا، و هؤلاء الأفارقة هم بلا منازع أكبر مجموعة سكانية تحط رحالها في أمريكا علي مر السنين، فمن بين مليون مهاجر افريقي يعيش في الولايات المتحدة اليوم، تجد أن أكثر من نصفهم قد حلوا بتلك الديار في الفترة ما بين عامي 1990 و 2000. رغم كل ذلك فلم تجر دراسات علمية و طبية عن/علي تلك الفئة المهاجرة مثلما أجريت علي مهاجرين آخرين من أصقاع العالم الأخري. و تركز معظم ما أجري من أبحاث عليهم علي الأمراض المعدية مثل السيدا (الايدز) و السل. و لما كان أولئك المهاجرون سينعمون بحق الإقامة الدائمة و من بعدها التجنس بالجنسية الأميريكية ( و لن يستطيع أحد أن يتهمهم بأنهم مواطنين "نص كم" كما زعم أحد الصحفيين الألمعيين اللامعين!) فإنه من المنطقي أن تجري المزيد من الأبحاث عن هؤلاء الناس مما سيساعد علي الوصول لفهم أفضل لطبيعة الأمراض التي يتعرضون لها و عن مصدرها و مسبباتها و علاجها و الوقاية منها، و كل ذلك سيساعد ( كما يأملون) في تخفيض الكلفة الإجمالية لعلاجهم و علاج من سيخلفونهم... ففي نهاية المطاف يقاس كل شئ (تقريبا) بكلفته المادية، بالإضافة بالطبع إلي التكاليف الأخري المعروفة.
قورنت في عدد من الأبحاث نسبة الوفيات بين المهاجرين الذين يقيمون في الولايات المتحدة مقارنة مع نظرائهم ممن ولدوا في أراضيها و كانت النتيجة في صالح الفريق الأول، إذ أن المهاجر الإفريقي يعيش في المتوسط نحو إثنين إلي أربعة أعوام أكثر من "ولد البلد"! بل أن النسبة تزيد عند السود (الملونين/ الأمريكيين من أصل إفريقي) إذ أن اعمار المهاجرين السود تزيد بنحو سبعة إلي تسعة أعوام مقارنة بالسود المولودين في أمريكا. و ورد في بحث آخر أن إحتمال موت المهاجر الأسود في أمريكا بالسكتة القلبية و الأمراض التنفسية و السرطان يقل عن ما عند رصيفه المواطن الأبيض أو الأسود، و نصيبه من أمراض كإرتفاع ضغط الدم يقل عن زميله الأسود المولود في أمريكا، ووجد أن المهاجرات الإفريقيات في كاليفورنيا مثلا يعانين بصورة أقل وطأة من أمراض كالإكتئاب و الإدمان علي الكحول و المخدرات من بقية السكان من مهاجرين و مواطنين، و أرجع السبب في ذلك لسلوكيات و طرق حياة  مختلفة عند الطرفين. بيد أن للمهاجر الأسود نصيب الأسد في الأمراض المعدية كالسل و البلهارسيا مما جلبه معه من مسقط رأسه.    
       
و من الجدير بالذكر أن صحة المهاجرين الأفارقة – علي وجه العموم- تعد أفضل من صحة المواطنين و المقيمين من كل الأجناس و الألوان رغم عدم تمتع نسبة كبيرة من هؤلاء المهاجرين الأفارقة بميزة التأمين الصحي و فرص العمل. أهي "بركة" ربانية لفقراء المهاجرين؟ أم أن للأمر اسبابا علمية و عملية تنتظر البحث و التدقيق. أمر ذلك عند ربي!
بيد أن تلك الصحة الجيدة نسبيا عند المهاجرين الأفارقة مقارنة بغيرهم قد تصبح في خبر كان بعد سنوات من إقامتهم في البلاد و تعودهم علي طعام الفقراء فيها، فهو في الغالب طعام شهي و رخيص الثمن بيد أنه عالي السعرات الحرارية غني بالدهون المضرة سيؤدي الإدمان عليه إلي البدانة مع ما تجره من نتائج وخيمة علي صحة القلب و الأوعية الدموية و الغدد الصماء وغير ذلك كثير..
 من الطريف أن بعض هؤلاء المهاجرين الأفارقة ما زالوا "يحنون" إلي الطب التقليدي (العشبي /الشعبي) الذي تركوه  إختيارا وراء ظهورهم، ففي دراسة اجريت علي 500 مهاجر غاني في كندا وجد أن اكثر من 75 % منهم ما زال إيمانهم بالطب التقليدي راسخا لم تزلزله عوادي الحضارة الغربية الحديثة، و لعلي اجزم بأن بعضا من الأسر السودانية في أمريكا ما تزال تستعمل ما يتيسر لها من الأدوية السودانية التقليدية مثل القرض و زيت السمسم و الشيح و الكركدي و غيرها لعلاج الأدواء الخفيفة. و هذا تاكيد (غير موثق علميا) لما ذكر في ذلك البحث الكندي.
تلك هي الصورة الزاهية – نسبيا -  لصحة المهاجر الأفريقي في العالم الجديد. بيد أن الصورة في إيطاليا تختلف إختلافا شديدا، فالأبحاث التي اجريت هنالك تنبئنا عن صورة مزعجة لا تسر، و سنعرض لطرف من ذلك في مقال قادم. و لا شك أن من يشدون الرحال و يركبون الأهوال من أفريقيا كوجهين أنظارهم نحو ما وراء البحر المقدس غير معنيين بما يكتبه الباحثون و الأطباء في هذا الشأن، و قد يعتقدون – مخطئين أو محقين- أن اتيحت لهم فرصة قرأة هذه الأبحاث، أن ذلك باب في الخداع عظيم و محض إختلاق، القصد منه هو إفزاعهم و تخويفهم من عبور البحار و الهجرة و الإستقرار في ديارهم الجميلة الواعدة.

(2)

في مقال سابق تعرضت لحال المهاجر الأفريقي في العالم الجديد، وذكرت ضمن ما ذكرت  كيف أنه – علي وجه العموم- أكثر صحة  وعافية من "أهل البلاد" من البيض و السود والصفر أجمعين. وعلق علي هذه الحقيقة – مشكورا-  قارئ مثقف و كاتب حصيف وزراعي مجيد هو الأستاذ/ الأمين أحمد والذي كتب إلي يقول إن السبب في ما ذكرت قد يعزى للمناعة الموروثة والمكتسبة التي تنتج عن تكوين أجسام مضادة بسبب العيش في بيئة تكثر بهاالميكروبات والطفيليات والمخاطر والملوثات في الماء والطعام وفي البيئة المحيطة بوجه عام، فيقوى عود الطفل منهم ويشب صحيحا منيعا. وذكر هنا مقولة نسبها لمستر آدم  فضل الله سالم أخصائي الكسور والإصابات بمستشفى سوبا الجامعي، كان دوما يرددها وهي: أن "الشماسة" وأطفال الشوارع حسب ملاحظاته كانوا حينما تجرى لهم عمليات جراحية أو يصابوا بكسور، كانوا يبرؤون ويشفون بأفضل من غيرهم، وكانت عظامهم تجبر بصورة أجود وأسرع رغم هزال بنيتهم واتساخ أجسادهم وضعف تغذيتهم، بعكس ما يحدث عند من هم أكثر عافية وصحة منهم ممن يتمتعون بالغذاء و الدعة. و شبه الأستاذ/ الأمين ذلك بعملية ال "hardening"، وهي عملية تجرى للشتول وهي بعد غضة طرية تلقى رعاية وعناية وظل في المشتل، لكن حينما يتقرر نقلها إلى الحقل، تجرى لها عملية الهاردننق هذه بوضعها لبعض الوقت في شمس حارقة مع عدم إمدادها بالماء، وقبيل أن يصيبها الإرهاق الشديد تعاد مرة أخرى إلى المشتل ثم تنقل بعد ذلك إلى الحقل نهائيا وهي قد اكتسبت القدرة على معايشة الظروف الصعبة في مستقرها الجديد. هذا ما أفادنا به – مشكورا-  الأستاذ/ الأمين أحمد، و رأيت أن أشرك فيه القراء الكرام فتعم الفائدة.
  
وبناء علي ما توفر لنا من ما هو منشور عن الصحة الجسدية والنفسية للمهاجر الإفريقي في العالم الجديد وفي أوروبا العجوز (وبالتحديد في إيطاليا) تبين لنا أن هنالك شيئا فاسدا متعفنا، ليس في الدنمارك (كما جرت العبارة الشكسبيرية)، بل في إيطاليا. فلقد نشر (بتمويل من وزارة الصحة الإيطالية) الباحث الإيطالي قيالدو روسو و زملاؤه في جامعة فيرارا مقالا في "مجلة طب الترحال" العدد 16 لعام 2009م عن صحة المهاجرين لمناطق بولونيا في شمال إيطاليا ذكرت فيه بعض المعلومات الغريبة عن هؤلاء المهاجرين، والذين كان معظمهم من السنغال والمغرب وتونس وباكستان أيضا. فلقد وجد أن البدانة (خاصة في منطقة البطن) فاشية وسط المهاجرين من المغرب، و كان أكثر من خمس عدد ذكور السنغاليين مصابين بارتفاع في ضغط الدم، وكانت المقاييس الجسمية لمعظم هؤلاء المهاجرين تختلف جداعن ما هو معروف ومشاهد في سكان تلك البلاد الأصليين. و قبل ذلك نشر الدكتور دومينجيز (مع آخرين) من جامعة باليرمو بإيطاليا في عام 2008م بحثا في مجلة "الأمراض الإثنية" جاء فيه أن حالات ارتفاع ضغط الدم  والأمراض القلبية الوعائية الأخري عند الأفارقة الذين يهاجرون لأوربا الغربية أكثر شيوعا وحدة من حالات تلك الأمراض عند الأفارقة في ذات العمر، الذين آثروا البقاء حيث هم في قارتهم "الحبيبة"! فكأنه بذلك يؤيد من طرف خفي مثلنا الشائع الذي يذهب إلي أن "من فات داره قل مقداره"! فهو يقول إن بحثه يثبت أن  "من فات داره ارتفع ضغط دمه"، فطوبي لمن بقي في بلده الأم! و عزا الدكتور الإيطالي و زملاؤه تلك النتيجة إلي تغير نمط العيش والحياة، حيث "يرتاح" أولئك الأفارقة المكدودون وتزيد أوزانهم (خاصة في منطقة وسط الجسم) لإدمانهم علي أكل الطعام الرخيص نسبيا والمحتوي علي سعرات حرارية عالية لا تستهلك – كما هو الحال في القارة السمراء- في الكد و الجري من أجل لقمة العيش (التي غالبا ما تكون طعاما نباتي الأصل أكثر صحة مما يتناوله الفرد الفقير في أوربا مثلا)، وكذلك لتعودهم علي شرب الكحول والتدخين وغير ذلك من "المفاسد". وأثبت أولئك الأطباء الطليانة بالأرقام التي لا تكذب أنه كلما امتد بقاء المهاجر الإفريقي في بلده كلما ازداد وزنه وتضخمت كرشه وقلت حركته العضلية، فيعلو ضغط دمه ويزداد خطر إصابته بأمراض القلب والشرايين وغيرها مما يعرف الآن بالمتلازمة الإستقلابية (metabolic syndrome)، حيث تزداد معدلات الإصابة بارتفاع ضغط الدم و تركيز السكر وارتفاع مستوي الدهون (الرديئة) في الدم!

 وقد يقول قائل إن تلك "مؤامرة دنيئة" من صنع أولئك الفاشست السابقين واللاحقين الذين ما زالت فيهم بقية من فاشية عنصرية، إذ لم يجد هؤلاء سببا أو قدرة على طرد جيوش "الجراد الأسود" القادم من الجنوب المتخلف، فتفتفت عقولهم الماكرة عن حيل شيطانية تلبس لبوس العلم وتتدثر برداء الطب لإبعاد المهاجرين السود من ديارهم بدعوى أن نمط العيش الجديد الذي "سينعم" به معهم أولئك السود الجياع  وملايين اللترات من الجعة، مع أطنان المعكرونة وتلال البيتزا التي سيفترسونها سيغير من طبيعة أجسامهم النحيلة التي ما عرفت إلا الجري (حرفيا) خلف لقمة العيش النباتية المتواضعة؛ وهي لم تر طبيبا قط، ولا دخلت جسدها حقنة تطعيم أو حبة دواء، و سيجعل نمط تلك الحياة الحضرية الجديدة من تلك الأجساد (والأرواح أيضا) مرتعا خصبا لسيء الأسقام و مزمن العلل. بيد أن حقيقة تغيير نمط الحياة من حياة ريفية بسيطة يقل فيها الطعام وتكثر فيها الحركة إلى بيئة لا يفعل فيها المرء سوي الانتقال (الكسول) من باب داره بالسيارة إلي مقر عمله المكتبي، ثم العودة  والجلوس أو الانبطاح أمام التلفزيون (الصندوق الأبله كما يسميه الغربيون)، و فمه لا ينقطع عن ازدراد الطعام الدسم الحافل بالسكر والدهن أو الملح، كل ذلك لا يؤدي إلا لزيادة الوزن وتضخم الدهون في المنطقة الوسطي من الجسم (ومعلوم الآن أن تراكم الدهون فيها أخطر من غيره من المواضع)، وحدوث الأمراض التي سبقت الإشارة إليها. و في هذا الباب شهد شاهد من أهلها، فلقد جاء في بحث من جنوب أفريقيا نشر في مجلة "الصحة العامة والغذاء" في عام 2002 لعالم/ طبيب اسمه فورستر أن السكتة الدماغية stroke غدت في العقد الأخير مرضا شائعا وسببا مهما من أسباب الوفيات عند سكان مدن جنوب أفريقيا بسبب زيادة معدلات حدوث أمراض ضغط الدم العالي والبدانة وسلوك أهل الحضر غير الصحي في إدمانهم علي (خبز وحشيش وخمر)، بينما لا تزال الأرياف تنعم بنسب أقل من هذه المصائب وتنعم بالتالي بحياة صحية قلما تحدث فيها مثل تلك الأمراض القاتلة.  ولعل هذا هو ما يحدث (وقع الحافر على الحافر) عند المهاجرين الآتين من أشد مناطق العالم تخلفا إلى أكثر مناطقه تحضرا. بيد أن ذلك لا يعني بالضرورة أن تكون المناطق المتخلفة أقل حظا في الصحة والعافية من سكان المناطق المتقدمة.  وتحضرني هنا واحدة من تلك الرسائل الإليكترونية المتناقلة المرسلة لمئات الأشخاص ممن تعرف ولا تعرف وفيها نصائح طبية، أو وعظ وإرشاد ديني، أو دعوة (خبيثة) لمرافقة حسناء، أو تهنئة بالفوز المزعوم بملايين الدولارات... من تلك الرسائل رسخت في ذهني جملة قصيرة مفادها أننا في عالم اليوم، ومع تقدم الطب (كثيرا) إزدادت الأمراض، فتأمل المفارقة! وتحضرني هنا أيضا مقولة جاءت علي لسان بروفسير (خطير) مختص في مرض السكري، تحدث عن نسب مستوى السكر في الدم الذي بموجبه يتم تصنيف الشخص علي أنه صحيح خال من السكري، أو في مرحلة ما قبل السكري (prediabetic) أو مصاب بالفعل بالمرض (diabetic)، وعن أن تلك النسب ظلت تخفض بانتظام من فترة إلى أخرى، وأن ذلك الخفض له أسباب علمية محضة، وله أسباب ونتائج اقتصادية أيضا علي شركات التأمين الصحي، إذ أن "أصحاب السكري وما قبل السكري" مثل "أصحاب السوابق" يصعب التأمين الصحي عليهم، وقد يتضاعف ما يدفعونه نظير التأمين الصحي مقارنة بالمحظوظين من  "غير ذوي السكري"! فتأمل تداخل الصحة  والمال في عالمنا الشجاع الجديد.                 


No comments:

Post a Comment